الألعاب النارية والمتفجرات والمواد الكيماوية من أهم أسبابها
تعد الحروق من أكثر الإصابات التي تتم معاينتها طبيا في المستشفيات والعيادات الطبية، وتحدث نتيجة تعرض الجلد للحرارة المرتفعة من السوائل أو الأجسام الصلبة وكذلك التعرض مباشرة لألسنة اللهب، أو لمواد كيماوية والإصابة باللمسات الكهربائية.
حول هذا الموضوع، تحدث إلى الدكتور محمد حبابي القحطاني إستشاري جراحة التجميل والجراحات المجهرية الدقيقة لتصحيح العيوب الخلقية في الوجه والأنف والأذن، وزراعة الأنسجة بمدينة الملك عبد العزيز الطبية للحرس الوطني بجدة، موضحا أن الجلد يتكون من البشرة الطبقة الخارجية، ومن الأدمة ما تحت الجلد، ومن الطبقة الدهنية -ما تحت الأدمة- وأن الحروق تصنف على حسب عمق الإصابة في الجلد.
وأشار إلى أن الحروق السطحية تكون أكثر إيلاما من الحروق العميقة، والتفسير الطبي لذلك هو أن الحروق العميقة تدمر نهايات الأعصاب في الجلد، فلا يشعر المصاب بألم بعد ألم الحريق، بينما في الحروق السطحية تبقى الخلايا العصبية في الجلد غير مصابة، ولهذا يستمر الشعور بالألم في موضع الحرق إلى حين الإلتئام.
وأضاف أن خطورة الحروق تكمن في تأثيرها على صحة الإنسان من طريقين رئيسين وبصورة مباشرة:
= الأول: فقدان سائل البلازما من الدم، نتيجة تدمير الشعيرات الدموية في الجلد، وهذا يؤدي بدوره إلى إضطراب خطير في فسيولوجية الدم وفي توازن السوائل في الجسم.
= الثاني: تسهيل الإصابة بالعدوى نتيجة تدمير أحد أهم خطوط الدفاع في الجسم وهو الجلد، ونتيجة توافر وسط غذائي جيد لنمو الميكروبات المسببة للمرض.
[] درجات الحروق:
ـ الدرجة الأولى: تصاب فيها طبقة البشرة، وتتميز بوجود إحمرار في المنطقة المصابة تسبب تحسسا بسيطا دون حدوث ألم مبرح، ويحدث الشفاء في خلال أسبوع، وفي الغالب لا يحدث أي تغير فسيولوجي للجلد، ومثال ذلك: تعرض البشرة البيضاء للشمس لفترة من الزمن، والمصاب بالحروق من الدرجة الأولى لا يحتاج ضمادات طبية ويتم معاينة الإصابة في الطوارئ أو عيادة جراحة التجميل وإعطاء العلاج المناسب، وينصح عند الإصابة الإبتعاد عن المسبب ووضع كمادات باردة.
ـ الدرجة الثانية: تصاب فيها البشرة مع جزء من طبقة الأدمة وتتميز بتشكل ما يسمي بالنفاطات -فقاعة- كما يحدث تغيرات فسيولوجية في الجلد، وتنقسم حسب عمق الإصابة في طبقة الأدمة إلى سطحية وعميقة من الدرجة الثانية، والحروق من هذه الدرجة مؤلمة وتحتاج إلى ضمادات طبية عند إستشارة الطبيب المعالج للحروق، وهنالك معايير طبية تؤخذ في الإعتبار لعلاج المصاب بالتنويم في وحدة الحروق منها نسبة ومكان الإصابة في الجسم وكذلك عمر المريض، ويتم شفاء الحروق في فترة تتراوح ما بين 10- 14 يوما، وكلما كانت الإصابة سطحية يكون الشفاء أسرع، والحروق العميقة من الدرجة الثانية يتم متابعتها طبيا بالضمادات مبدئيا ويقرر الطبيب المختص بالتدخل الجراحي بإستخدام الرقعة الجلدية لتغطية الجروح عند تأخر شفائها.
ـ الدرجة الثالثة: تصاب فيها جميع طبقات الجلد مع تغيرات فسيولوجية في الجلد، ويأخذ الجلد اللون البني القاتم، وعادة لا تكون مؤلمة ويحتاج علاجها لتدخل جراحي بإستخدام الرقعة الجلدية.
ـ الدرجة الرابعة: تشمل إصابة الأنسجة الأعمق مثل العضلات أو العظام.
[] مصادر الحروق:
من بين الحرائق المنزلية التي تؤدي إلى الوفاة، يسبب التدخين 35 في المائة منها وأجهزة التدفئة تتسبب في 34 في المائة منها، ما يقرب من نصف الإصابات تحدث بسبب الجهود المبذولة لمكافحة الحريق، وفي الولايات المتحدة وأستراليا، تشكل هذه الفئة من الإصابات نحو ثلثي جميع الحروق، ويشكل التماس مع الأجسام الساخنة السبب في نحو 20- 30 في المائة من الإصابات بالحروق بين الأطفال، الألعاب النارية والمتفجرات هي سبب شائع للحروق خلال مواسم العطلات في كثير من البلدان وهي تشكل خطرا بالنسبة للذكور المراهقين بشكل خاص.
= الحرارة الجافة: مثل التعرض المباشر للنار أو للغازات الحارة.
= الحرارة الرطبة: كالتعرض لبعض السوائل الحارة، وتعد السوائل الساخنة في الولايات المتحدة، هي الأسباب الأكثر شيوعا للحروق.
= الحرارة الكيماوية: تسبب المواد الكيماوية من اثنين الي 11 في المائة من جميع الحروق وتساهم فيما يصل إلى 30 في المائة من الوفيات الناجمة عن الحروق، قد تحدث الحروق الكيماوية بسبب أكثر من 25000 مادة، معظمها إما قلوية -55 في المائة- أو حمضية -26 في المائة- وتحدث معظم الوفيات الناجمة عن الحروق الكيماوية كنتيجة إبتلاع المواد الكيماوية الشائعة مثل: حامض الكبريتيك بشكله الموجود في منظفات المراحيض، هيبوكلوريت الصوديوم بشكله الموجود في المواد المبيضة، والهيدروكربونات بشكلها الموجود في مزيلات الدهان، وغيرها.
= الكهرباء: تصنف إلى حروق الجهد الكهربائي العالي 1000 فولت أو أكثر، وحروق الجهد الكهربائي المنخفض أقل من 1000 فولت، وحرق وميضي عند التعرض للتيار الكهربائي، تسببه عند الأطفال الأسلاك الكهربائية 60 في المائة، يليها الأجهزة الكهربائية 14 في المائة. وقد يسبب البرق أيضا حروقا كهربائية. تسبب الإصابات الكهربائية الحروق في المقام الأول، وقد تصاحبها كسور أو إصابات في المخ والرقبة.
إصابات الجهد الكهربائي المرتفع قد تحدث ضررا بالأنسجة الداخلية مثل العضلات والأعصاب والأوعية الدموية وبالتالي لا يمكن تقدير مدى الضرر من خلال فحص الجلد وحده.
= حروق الاحتكاك تحدث عن طريق الإحتكاك عند الإصابة في الحوادث وتعرض جلد المصاب إلى سحق الجلد على سطح خشن.
= حرارة الإشعاع: كالتعرض لفترة طويلة لأشعة الشمس أو أشعة أكس وكذلك في حالات العلاج الإشعاعي للأورام.
[] إسعافات أولية:
ينبغي تقييم الموقف بسرعة لتحديد أفضل وسيلة لإبعاد المصاب عن مصدر الخطر، إذ قد يؤدي الاندفاع الأعمى إلى إصابة المنقذ كذلك، أو إلى انتشار الحريق بدرجة أكبر.
ـ إذا كان اللهب المباشر هو سبب الحريق، وإذا كانت النيران مشتعلة بثياب المصاب، فيجب على المنقذ أن يحتمي وراء بطانية حريق، قبل الإقتراب من المصاب، وبطانية الحريق عبارة عن قطعة قماش كبيرة من مادة غير قابلة للإشتغال، وهي متوفرة في الأسواق بأثمان في متناول الجميع، وإذا لم تتوفر فيمكن استعمال بطانية عادية، أو أي شيء في متناول اليد يقوم مقامها، وبمجرد الإقتراب من المصاب يجب لفه بسرعة في البطانية، ثم سحبه بعيدا عن مصدر اللهب إلى مكان آمن، ثم طرحه على الأرض في وضع الإستلقاء.
ـ إنزع عن المصاب الملابس، الخواتم، الساعة قبل إنتفاخ الجزء المحترق.
ـ إذا كان التيار الكهربائي هو سبب الحريق، فيتعين قبل الإقتراب من المصاب عزل التيار الكهربائي، أو فصل الآلة أو الجهاز سبب الحريق عن مصدر التيار الكهربائي، فإذا لم يكن مصدر التيار الكهربائي معروفا، أو إذا لم يمكن عزله بسرعة، فيجب إستعمال مادة عازلة كهربائيا قبل الاقتراب من المصاب، وإلا تعرض المنقذ للإصابة كذلك، ومن أمثلة المواد العازلة كهربائيا الخشب والبلاستيك، أما الماء فإنه من المواد جيدة التوصيل للتيار الكهربائي، لذلك فمن الخطورة بمكان إستعمال الماء لإطفاء حريق كهربائي، أو الإقتراب من مصاب بالتيار الكهربائي بملابس أو أحذية مبتلة بالماء.
ـ في حالة الحروق بالمواد الكيماوية، يتعين إبعاد المصاب بسرعة وحذر عن مصدر الإصابة، ويراعى عدم إتلاف الوعاء المحتوي على المادة سبب الإصابة أو التخلص منه، لأن تعليمات الإسعاف الأولى في حالات الإصابة تكون مدونة عليه غالبا، وحتى إذا لم تكن للوعاء فائدة في هذا الشأن، فسوف تكون له فائدة في تقرير نوع العلاج اللازم عند نقل المريض إلى المستشفى، وذلك بمعرفة التركيب الكيماوي لمحتويات الوعاء، ومن الضروري إصطحاب الوعاء سبب الإصابة عند نقل المريض إلى المستشفى.
ـ طالما هناك حرق تكون كلمة السر هي التبريد أي استخدام الماء البارد في إسعاف المصاب حيث نقوم بوضع الجزء المصاب لمدة من 10 إلى 15 دقيقة تحت الماء أو حتى يختفي الشعور بالألم.
ـ في حالة حروق الدرجة الأولى، الإكتفاء بالتبريد ويتم علاج الحروق موضعيا بإستخدام العلاج الموضعي للحروق.
ـ في حالة حروق الدرجة الثانية، إستخدام التبريد، وعدم تفريغ السوائل المحتبسة في الفقاعات دون إشراف طبي حيث تحتوي الفقاعات على سوائل قد تساعد في عملية التئام الجرح وتتم إزالتها عن طريق طبيب الحروق.
ـ تغطية الجزء المصاب بضمادات ومضاد حيوي موضعي مثل الفيوسيدين ونقل المصاب إلى المستشفى.
ـ في حالة حروق الدرجة الثالثة، ينقل المصاب فورا للمستشفى بالإسعاف مع تغطية الجزء المصاب بضمادات أو عند عدم توفرها يتم تغطيتها بإستخدام البلاستك الذي يستخدم لحفظ الطعام.
[] أخطاء شائعة أخطاء شائعة يجب الحذر منها:
* لا تضع المراهم أو الزيوت أو معجون تنظيف الأسنان أو فيتامين -إي- أو الزبدة على الحروق فهذه تمنع تسرب الحرارة من الجلد وتعمل على تحويل درجة الحرق لدرجة أعلى.
* لا تستعمل الثلج مباشرة على الجلد حتى لا يحدث حرق ثلجي وتلف لخلايا الجلد.
* لا تحاول إزالة الملابس الملتصقة بالجلد بل قصها من أطرافها.
* لا تحاول تنظيف الحروق أو فتح البثور والفقاعات.
* لا تضع قطنا كغطاء على المكان المصاب مباشرة.
[] في علاج الحروق يعتمد العلاج أساسا على:
• إعطاء المريض مسكن للألم مثل باراسيتامول أو في بعض الأحيان الكودايين أو المورفين.
• الإعتناء بالحرق والوقاية من حدوث التهابات ميكروبية وعلاجها إن وجدت.
• إعطاء المريض بعض السوائل الوريدية وذلك للوقاية من حدوث صدمة الحروق وللوقاية من حدوث نقص كريات الدم الحمراء والتعويض عنها ولعلاج نقص السوائل الناتجة عن الحرق، لإعادة توازن فسيولوجية الدم المضطربة.
متى ينقل المصاب إلى وحدة الحروق المتخصصة؟ عند إصابته بحروق الدرجة الثانية -إذا كانت النسبة المئوية للمنطقة المصابة 15 في المائة أو أقل عند الكبار أو 10 في المائة أو أقل عند الصغار- أو حروق الدرجة الثالثة في أي مرحلة عمرية، أو حروق الأعضاء التناسلية، اليد، الوجه، والقدم، أو حروق الصدمات الكهربائية والمواد الكيماوية، أو الحروق التي تصيب الرئة الناتجة عن إستنشاق الأدخنة، وكذلك المصاب الذي يعاني، أيضا، من أمراض مزمنة ومشكلات صحية كأمراض القلب أو الرئة، وفقا لدليل الكلية الأميركية للجراحين والعناية بالإصابات.
الكاتب: د. عبد الحفيظ يحيى خوجه.
المصدر: جريدة الشرق الأوسط.